الأحد، 28 فبراير 2010

دور نظرية الظروف الطارئة في إعادة التوازن المالي للعقد الإداري


مقدمة


لقد شهد العالم فى الفترة الأخيرة أزمة مالية عصفت باقتصاد العديد من الدول، وأصبح اكبر اقتصاد دولة فى العالم ـ الولايات المتحدة الأمريكية ـ مهددًا بالانزلاق إلى حافة الهاوية. وترجع أسباب الأزمة المالية الراهنة إلى عدة أسباب([1]) أهمها توسع المؤسسات المالية فى منح القروض عالية المخاطر للمؤسسات العاملة فى مجال الرهن العقارى، حتي بلغت تلك القروض فى السوق الأمريكية فى مارس 2007 نحو 3,1 تريليون دولار، وقد صاحب ذلك ارتفاع كبير فى أسعار العقارات الأمريكية، مما دفع المقترضين إلى بيع أصول تلك العقارات وتوجيه مقابل هذا البيع ـ الذى هو فى الأساس قروض من البنوك ـ للإنفاق الاستهلاكى، مما أدى فى النهاية إلى التعسر فى سداد تلك القروض، مما حدا بالبنك الاحتياطى الفيدرالى إلى تطبيق سلسلة من الارتفاعات المتتالية فى أسعار الفائدة فى يونيو 2006 نحو 25,5، أدت إلى صعوبة الحصول على التمويل اللازم لمؤسسات التمويل العقارى لاستكمال العمليات التى بدأتها. مما قاد ذلك فى النهاية إلى انخفاض الطلب على العقارات، صاحب هذا هبوط أسهم معظم البنوك فى الأسواق المالية، حيث بلغت خسائر المؤسسات المالية العالمية وفقًا لتقديرات بنك انجلترا المركزى فى عام 2007 نحو 8,2 تريليون دولار.

وقد كان من أهم الآثار التي خلفتها هذه الأزمة هو اختلال التوازن فى العقود طويلة الأجل اختلالاً جعل من الصعب تنفيذها دون إلحاق ضرراً بالغاً بالمتعاقد. ويقصد بالتوازن المالى للعقد أن تكون حقوق والتزامات الأطراف وقت إنشاء العقد قد نشأت بطريقة تجعلها متوازنة مالياً، وتتجه الإرادة المشتركة للمتعاقدين منذ لحظة إبرام العقد إلي استمرار هذا التوازن المالي حتي تمام تنفيذ العقد([2])، "حيث أن من طبيعة العقود الإدارية أنها تحقق بقدر الإمكان توازن بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع جهة الغدارة وبين المزايا التي ينتفع بها، اعتباراً بأن نصوص العقد تؤلف من مجموعها كلاً من مقتضاه التلازم بين مصالح الطرفين المتعاقدين"([3]). وعلي هذا إذا ما واجه المتعاقد مع جهة الإدارة أخطاء سواء كانت اقتصادية أو طبيعية أو إدارية، فإنه يكون له الحق في أن يلجأ إلي القضاء لإعادة التوازن المالي للعقد.

وقد ظهرت لإعادة التوازن المالي للعقد ثلاث نظريات، الأولي: نظرية الظروف الطارئة، الثانية: نظرية عمل الأمير، والثالثة: نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة. وستقوم دراستنا في هذا الخصوص لنظرية الظروف الطارئة، وذلك باعتبار أن المخاطر الاقتصادية هي عماد تطبيق تلك النظرية، بحسب أن الأزمة المالية العالمية الراهنة تعد من قبيل المخاطر الاقتصادية ـ كما سنري لاحقاً ـ التي تستوجب تطبيق نظرية الظروف الطارئة إذا توافرت شروط تطبيقها، ومع ملاحظة أن نظرية الظروف الطارئة يتم تطبيقها على العقود الإدارية والمدنية علي حد السواء، ولكن جل دراستنا هذه سيرتكز علي العقود الإدارية، وذلك لأن نظرية الظروف الطارئة نشأت في الأساس في أحضان القضاء الإداري، والذي أرسي مبادئها مجلس الدولة الفرنسي، وكلن هذا جلياً من خلال أحكامه.

وعلي هذا الأساس فإننا نقسم هذا البحث إلي مبحثين نعرض فى الأول لماهية نظرية الظروف الطارئة ثم نبين فى المبحث الثاني آثارها ثم نعقبهما بخاتمة لنري مدي إمكانة اعتبار الأزمة المالية ظرفاً طارئاً.

المبحث الأول

ماهية نظرية الظروف الطارئة

إن البحث في ماهية نظرية الظروف الطارئة يقتضي منا بيان مضمون تلك النظرية ثم توضيح الشروط اللازمة لتطبيق نظرية الظروف الطارئة. وذلك على النحو التالي.

المطلب الأول

مضمون نظرية الظروف الطارئة

أولاً: نشأة نظرية الظروف الطارئة:

1- نظرية الظروف الطارئة في القانون الروماني:

بادئ ذي بدء يمكن القول بأن جذور نظرية الظروف الطارئة تمتد إلى النظم القانونية القديمة، فعلي الرغم من أن القانون الروماني لم يعترف بتطبيق نظرية الظروف الطارئة، وذلك نظراً لأن القانون الروماني كان لا يأخذ بفكرة الغبن، فالقاعدة في القانون الروماني أن الغبن لا يعيب الرضا ولا يؤثر في صحة العقد وانعقاده، مادام هذا العقد قد استوفي الشروط والأوضاع الشكلية التي قررها القانون، ولم يكتف القانون الروماني بإنكار فكرة الغبن أثناء تكوين العقد فقط، بل امتد عدم الاعتراف بها أثناء مرحلة تنفيذ العقد([4]).

ولكن على الرغم من ذلك فإن الفلاسفة الرومان دعوا إلى الأخذ بنظرية الظروف الطارئة، فمن أقوال شيشرون " عندما يتغير الزمن يتغير الواجب ". ومن أقوال سبيديك " أنا لا أعتبر حانثاً لعهدي، ولا يمكن اتهامي بعدم الوفاء إلا إذا بقيت الأمور على ما هي عليه وقت التزامي ثم لم أنفذه والتغير الذي يطرأ على أمر واحد يجعلنى حراً في أن أناقش التزامي من جديد ويخلصني من كلامي الذي أعطيته ويجب أن يبقي كل شيء على حالته التي كان عليها في الوقت الذي تعهدت فيه لكي أستطيع المحافظة على كلامي"([5]).

ويضاف لذلك أن الفتوحات الرومانية الواسعة أدت إلى نشوء ظروف أخلاقية وثقافية جديدة كانت لها عظيم الأثر في تطور الأفكار الفقهية الرومانية وانعكاساتها الإيجابية على القانون الروماني في ذاته، فبدأ الفقهاء الرومان في الخروج من عباءة الشكلية التي كانت تحيط بالقانون، وذلك من أجل الوصول إلى أن الغاية النهائية للقانون هي منفعة الناس وإسعادهم، وتوفير الرخاء لهم والمودة بينهم، وبالتالي فقد خطو خطوة كبيرة بالأخذ بتطبيق نظرية الظروف الطارئة، فلا يسأل المتعاقدان عن تنفيذ التزاماتهما العقدية إلا في مثل الظروف التي أبرم فيها العقد، وإذا ما تغيرت هذه الظروف، فلهما عندئذ أن يعدلا التزاماتهما العقدية تبعاً للظروف التي استجدت([6]).

2-نظرية الظروف الطارئة في الفقه الإسلامي:

لقد أخذ الفقه الإسلامي بنظرية الظروف الطارئة، وذلك بإقراره نظرية الضرورة، حيث تعد الظروف الطارئة تطبيق من تطبيقات نظرية الضرورة، فقد انطلق الفقهاء المسلمون صوب كل ناحية من كتاب الله عز وجل وأحاديث نبيه صلى الله عليه وسلم بغية رفع الضرر عن أحد المتعاقدين الناشئ عن تغير الظروف التي تم إبرام العقد فيها، ولقد ساقوا عدة أدلة للقول بصحة الأخذ بنظرية الظروف الطارئة لإعادة التوازن المالي للعقد نتيجة الأزمات الاقتصادية:

أ- إن في عدم إعادة التوازن المالي للعقد نتيجة الظروف الطارئة التي أحلت بالعقد، إرهاق وحرج بالمتعاقد، والله سبحانه وتعالي لا يرضى بذلك لعباده، حيث قال تعالي في كتابه الحكيم " وما جعل الله عليكم في الدين من حرج "([7]). وقوله تعالي " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"([8])، وقال أيضا " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها "([9]).

ب- إن تطبيق نظرية الظروف الطارئة يعد وسيلة من وسائل إقامة العدل الذي هو من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية في باب المعاملات، ومن المعلوم أن الله عز وجل لم يحصر طرق العدل في طريقة دون غيرها، ولكن أينما يكون العدل فثم شرع الله ودينه([10]).

جـ ـ بالإضافة لذلك فإن في تطبيق نظرية الظروف الطارئة تحقيق للتراضي الذي جعله الله عز وجل قيداً لإباحة التجارة بين المؤمنين، وذلك لقوله عز وجل " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضي منكم"([11])، وفي اختلال التوازن بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع جهة الإدارة، وبين المزايا التي ينتفع بها، تفويت للرضا الذي هو شرط لإباحة التجارة.

د- ضرورة رفع الضرر عن المضرور، وذلك بتعويض المتعاقد عن الضرر الذي حاق به لسبب لا دخل لإرادته فيه، وذلك تطبيقاً لعموم قوله صلى الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار"، والقواعد الفقهية القائلة: " الضرر يزال "، " الضرورات تبيح المحظورات "، "درء المفاسد أولي من جلب المنافع " وأخيراً " الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف".

وتأكيداً لما سبق فقد انتهي مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة في دورته الخامسة عام 1404هـ، إلى الأخذ بتطبيق نظرية الظروف الطارئة وذلك أثناء حدوث الأزمات الاقتصادية، فذكر ما يلي([12]):"

أولاًَ: في العقود المتراخية التنفيذ (كعقود التوريد والتعهدات والمقاولات) إذا تبدلت الظروف التي تم فيها التعاقد تبدلاً غَيَّرَ الأوضاع والتكاليف والأسعار تغييراً كبيراً بأسباب طارئة عامة لم تكن متوقعة حين التعاقد فأصبح بها تنفيذ الالتزام العقدي يلحق بالملتزم خسائر جسيمة غير معتادة من تقلبات الأسعار في طرق التجارة، ولم يكن ذلك نتيجة تقصير أو إهمال من الملتزم في تنفيذ التزاماته؛ فإنه يحق للقاضي - في هذه الحال عند التنازع، وبناءً على الطلب - تعديلَ الحقوق والالتزامات العقدية بصورة توزع القدر المتجاوز للمتعاقد من الخسارة على الطرفين المتعاقدين، كما يجوز له أن يفسخ العقد فيما لم يتمم تنفيذه منه إذا رأى أن فسخه أصلح وأسهل في القضية المعروضة عليه، وذلك مع تعويض عادل للملتزم له صاحب الحق في التنفيذ يُجْبِر له جانباً معقولاً من الخسارة التي تلحقه من فسخ العقد بحيث يتحقق عدل بينهما دون إرهاق للملتزم، ويعتمد القاضي في هذه الموازنات جميعا رأى أهل الخبرة الثقات.

ثانياً: ويحق للقاضي أيضاً أن يمهل الملتزم إذا وجد أن السبب الطارئ قابل للزوال في وقت قصير، ولا يتضرر الملتزَم له كثيراً بهذا الإمهال.

هذا، وإن مجلس المجمع الفقهي يرى في هذا الحل المستمد من أصول الشريعة تحقيقاً للعدل الواجب بين طرفي العقد، ومنعاً للضرر المرهق لأحد المتعاقدين بسبب لا يَدَ له فه، وإن هذا الحل أشبه بالفقه الشرعي الحكيم، وأقرب إلى قواعد الشريعة ومقاصدها العامة وعدلها".

وبنظرة متأنية لنص ما انتهي إليه مجلس المجمع الفقهي الإسلامي يتضح الآتي:

1- أن المجال الخصب لنظرية الظروف الطارئة هو العقود التي تستمر فترة تنفيذها أجالاً طويلة، تسمح بتغير الظروف التي تم التعاقد فيها.

2- أنه يشترط لتطبيق نظرية الظروف الطارئة توافر الشروط الآتية:

أ- وجود أسباب طارئة عامة غير متوقعة أثناء التعاقد.

ب- ألا يكون للمتعاقد مع جهة الإدارة دخل في وقوع هذه الظروف بسبب تقصير أو إهمال منه.

جـ- أن يكون في تنفيذ الالتزام العقدي إلحاق خسارة جسيمة غير معتادة بالمتعاقد مع جهة الإدارة.

3- أنه يترتب على توافر الشروط السابقة حق المتعاقد مع جهة الإدارة في إعادة التوازن المالي للعقد ويأخذ التعويض في هذه الحالة عدة صور:

أ- يحق للقاضي أن يوزع الخسارة التي أصابت المتعاقد نتيجة للظروف الاقتصادية على الطرفين المتعاقدين.

ب- كما يجوز للقاضي أن يهمل المتعاقد مع جهة الإدارة في تنفيذ التزاماته العقدية إذا وجد أن الظرف الطارئ قابل للزوال في وقت قصير، ولا يصيب جهة الإدارة ضرر من هذا الإمهال.

جـ- وأخيراً يجوز للقاضي فسخ العقد في الجزء الذي لم يتم تنفيذه، وذلك إذا ما كان في فسخ العقد مصلحة للطرفين، وذلك مع تعويض جهة الإدارة عن جانب معقول من الخسارة التي لحقت بهما نتيجة فسخ العقد، بحيث يتحقق في النهاية التوازن المالي بين المتعاقدين.

3- نظرية الظروف الطارئة في العصر الحديث([13]):

لقد أسس قواعد هذه النظرية حكم مجلس الدولة الفرنسي الشهير الصادر في 1916 في قضية بورودو الفرنسية، والتي تتلخص وقائع هذه القضية في أن شركة الغاز للإضاءة بمدينة بورودو كانت ملزمة بأن تقوم بتوريد الغاز للمدينة بسعر معين، ونتيجة لوقوع الحرب ارتفاع سعر الفحم، ووجدت الشركة أن الأسعار التي تتقاضاها من الجهة الإدارية المتعاقدة معها لا تغطي نفقات الشركة، فطلبت تعديل هذه الأسعار برفعها، غير أن الجهة الإدارية لم توافق على ذلك استناداً لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين، فاضطرت الشركة إلى الالتجاء لمجلس الدولة، الذي قضي بتعديل العقد بين الجهة الإدارية والشركة بما يتناسب والأسعار الجديدة، وقرر أنه إذا طرأت ظروف لم تكن في خلد أحد الطرفين وقت التعاقد وترتب عليها زيادة في أعباء الشخص المتعاقد بما يؤدي إلى إخلال التوازن المادي للعقد إخلالاً جسيماً، فإن للشخص أن يطلب من الإدارة، ولو بصفة مؤقتة، المساهمة في الخسائر التي ستلحق به من جراء تنفيذ العقد بحالته المتفق عليها([14]).

وعلى الرغم من اعتراف القضاء الإداري الفرنسي بتطبيقه نظرية الظروف الطارئة، إلا أن محكمة النقض الفرنسية قد أحبطت كل المحاولات التي أقدمت عليها المحاكم لتطبيق نظرية الظروف الطارئة في مجال القانون الخاص([15]).

أما بالنسبة لموقف النظام القانوني المصري، فنجد أن محكمة النقض في البداية كانت ترفض تطبيق نظرية الظروف الطارئة، وذلك استناداً إلى أنه مادام تنفيذ العقد ممكناً فإنه ينبغي على المتعاقد مع جهة الإدارة القيام به، ولو صار تنفيذه مرهقاً([16]).

واستمر الحال كما هو حتى صدر القانون (129) لسنة 1947، بشأن التزام المرافق العامة، حيث نصت المادة السادسة منه على أنه " إذا طرأت ظروف لم يكن من المستطاع توقعها ولا يد لمانح الالتزام أو الملتزم فيها، وأفضت إلى الإخلال بالتوازن المالي للالتزام أو إلى تعديل كيانه الاقتصادي كما كان مقدراً وقت منح الالتزام، جاز لمانح الالتزام أن يعدل قوائم الأسعار وإذا اقتضي الحال أن يعدل أركان تنظيم المرفق العام وقواعد استقلاله، وذلك لتمكين الملتزم من أن يستمر استقلاله أو تنخفض الأرباح الباهظة إلى القدر المقبول".

وبهذا يكون المشرع المصري قد أجاز تطبيق نظرية الظروف الطارئة على العقود الإدارية، ثم انطلق إلى اعمال ذات النظرية في مجال عقود القانون الخاص، حيث نصت المادة (147) من القانون المصري الصادر في 29/7/ 1948 على أن:

1- العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون.

2- ومع ذلك إذا طرأت حوادث استئنافية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وأن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلاً كل اتفاق علي خلاف ذلك.

ومن الجدير بالذكر أن النظام القانوني في دولة الإمارات العربية المتحدة، قد أخذ بنظرية الظروف الطارئة، وذلك حيث تنص المادة 249 من قانون المعاملات المدنية الإماراتي رقم 5/1985 على أنه: " إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها، وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين، بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول إذا اقتضت العدالة ذلك، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك".

كما تضمن القرار رقم 14لسنة 1978، والخاص بعقود المقاولات وعقود التوريد، النص على انه اذا ما طرأت ظروف وحوادث استثنائية عامة لم يكن فى الوسع توقعها، وترتب على حدوثها أن تنفيذ الأشغال، وان لم يصبح مستحيلا، صار مرهقًا بحيث يعرض المقاول لخسارة فادحة وجب عليه الاستمرار فى التنفيذ، لكن له الحق فى أن يطلب تعويضًا عادلاً، على أن يعرض ذلك على اللجنة الخاصة بالإعفاء من الغرامات.

وفى هذا الخصوص ذهب البعض([17]) إلى أن هناك فراغ تشريعى كبير، حيث انه من الضروى أن يصدر المشرع الإماراتى تشريعا متكاملاً يتناول بالتنظيم الأصول والقواعد العامة للعقود الإدارية برمتها، وذلك حسماً للاتجاهات المتعددة والتى قد تكون فى بعض الأحيان متضاربة فى مواد العقود الإدارية وتوحيداً فى ذلك لمسارات العمل الإدارى ذات الأبعاد المالية.

ثانياً: تعريف نظرية الظروف الطارئة:

1- التعريف اللغوي:

الظروف في اللغة: جمع ظرف، ومعناه دائر على وعاء الشيء([18]). ومن ذلك أيضاً إطلاق الظروف على الحال([19]).

أما كلمة الطارئة في اللغة، فهي اسم الفاعل من طرأ، ومعناه جاء فجأة ومن بعيد، والطارئ هو الغريب خلاف الأصلي، والطارئة جمع طوارئ وطارئات بمعنى الداهية([20]).

وهكذا يكون معني الظروف الطارئة في اللغة: هي جميع الأحوال الغريبة التي تأتي فجأة ولا يدري من أين أتت.

2- التعريف الفقهي:

لقد تعددت التعريفات التي ساقها الفقه بشأن تعريف نظرية الظروف الطارئة، فقد عرفها البعض([21]) بأنها: " عبارة عن ظروف وأحداث لم تكن متوقعة حدثت أثناء تنفيذ العقد الإداري أدت إلى قلب اقتصاديات العقد، إذا كان من شأن هذه الظروف أن تجعل تنفيذ العقد أكثر عبأ وأكثر كلفة مما قدره المتعاقدان التقدير المعقول، وإذا كانت الخسارة الناشئة عن ذلك تجاوز الخسارة العادية التي يتحملها أي متعاقد إلى خسارة فادحة استثنائية وغير عادية، فإن من حق المتعاقد المضار أن يطلب من الطرف الآخر مشاركته في هذه الخسارة التي تحملها فيعوض تعويضاً جزئياً.

وعرفها البعض الآخر([22])، بأنها عبارة عن حوادث وظروف غير متوقعة لم تكن متوقعة عند إبرام العقد تؤدي إلى قلب اقتصاديات العقد، وتؤدي إلى خسارة للمتعاقد غير محتملة، ففي مثل هذه الحالة من حق المتعاقد مع الإدارة أن يطالبها بتعويضه جزئياً عن هذه الخسارة.

3-التعريف القضائي:

لقد استقرت أحكام القضاء الإداري والعادي على الأخذ بتطبيق نظرية الظروف الطارئة وذلك لإعادة التوازن المالي للعقد، فعرفت المحكمة الإدارية العليا في مصر الظروف الطارئة بقولها " إن تطبيق نظرية الحوادث الطارئة في الفقه والقضاء الإداري رهين بأن تطرأ خلال تنفيذ العقد الإداري حوادث أو ظروف طبيعية كانت أو اقتصادية أو من عمل جهة إدارية غير الجهة الإدارية المتعاقدة أو من عمل إنسان آخر، لم تكن في حسبان المتعاقد عند إبرام العقد، ولا يملك لها دفعاً، ومن شأنها أن تنزل به خسائر فادحة تختل معها اقتصاديات العقد اختلالا جسيماً، ومؤدي تطبيق هذه النظرية بعد توافر شروطها إلزام جهة الإدارة المتعاقدة بمشاركة المتعاقد معها في احتمال نصيب من الخسارة التي أحاقت به طوال فترة الظروف الطارئة، وذلك ضماناً لتنفيذ العقد الإداري واستدامة لسير المرفق العام الذى يخدمه، ويقتصر دور القاضي الإداري على الحكم بالتعويض المناسب دون أن يكون له تعديل الالتزامات العقدية "([23]).

وفي نفس السياق قضت محكمة النقض المصرية بأنه " قوام نظرية الحوادث الطارئة في معنى المادة 147 من القانون المدني هو أن يكون الحادث استثنائياً وغير متوقع الحصول وقت انعقاد العقد والمعيار في توافر هذه الشروط ـ وعلى ما جري به قضاء هذه المحكمة ـ معيار مجرد مناطه ألا يكون في مقدور الشخص أن يتوقع حصوله لو وجد في ذات الظروف عند التعاقد، دون اعتداد بما وقر في ذهن هذا المدين بالذات من توقع الحصول أو عدم توقعه والبحث فيما إذا كان الحادث الطارئ هو مما في وسع الشخص العادي توقعه أو أنه من الحوادث الطارئة مما يدخل في نطاق سلطة قاضي الموضوع طالما أقامها على أسباب مؤدية إلى ما أنتهي إليه([24]).

كما قضت محكمة النقض المصرية أيضًا بأنه " مفاد نص المادة 2/147 من القانون المدني أن نظرية الظروف الطارئة إنما ترد على الالتزام الذي لم ينفذ، أو على الجانب الذي لم يتم تنفيذه منه، أما ما تم تنفيذه قبل الحادث الطارئ، فإنه ينقضي بالوفاء ويمتنع خضوعه لأحكام الظروف الطارئة. كما أن للقاضي متى توافرت الشروط التي يتطلبها القانون في الحادث الطارئ – وعلى ما جري به قضاء هذه المحكمة – تعديل العقد برد الالتزام الذي صار مرهقاً إلى الحد المعقول وهو حين يختار – في حدود سلطته التقديرية الطريق المناسب لمعالجة الموقف الذي يواجهه – لا يرفع كل الخسارة عن عاتق المدين ويجعلها على عاتق الدائن وحده ولكنه يحد من فداحة هذه الخسارة التي ستصيب المدين ويصل بها إلى الحد المعقول ذلك بتحميل المدين الخسارة المألوفة التي كان يمكن توقعها عادة وقت التعاقد ويقسم ما يزيد على ذلك من خسارة غير مألوفة على المتعاقدين وذلك مراعاة للموازنة بين مصلحة كل منهما"([25]).

4- التعريف المختار:

في الواقع يمكننا تعريف نظرية الظروف الطارئة بأنها عبارة عن ظروف عامة استثنائية واقتصادية كانت أو طبيعية أو إدارية، وقعت أثناء تنفيذ العقد ولا دخل لإرادة المتعاقد في حدوثها، ولا يكون في وسع توقعها عند إبرام العقد، ولا يملك دفعها عند وقوعها، ويكون من شأن هذه الظروف أن تصيب المتعاقد بخسارة فادحة تجاوز الخسارة العادية التي يمكن احتمالها على نحو تختل معه اقتصاديات العقد اختلالاً جسيماً.

وهكذا نستخلص من التعريف السابق أنه يلزم لتطبيق نظرية الظروف الطارئة توافر مجموعتين من الشروط:

المجموعة الأولي: تتعلق بالظرف الطارئ وتتمثل في:

1- يلزم أن تكون الظروف عامة.

2- يشترط أن تكون استثنائية.

3- ويتطلب أن تحدث أثناء تنفيذ العقد.

4- هل يشترط أن يكون الظرف الطارئ اقتصادياً ؟ (اقتصادية الظرف الطارئ).

المجموعة الثانية: تتعلق بالمتعاقد، وتتمثل في:

1- ألا يكون للمتعاقد دخل في حدوثها.

2- ألا يكون في وسع المتعاقد توقعها عند إبرام العقد ولا دفعها عند وقوعها.

3- إصابة المتعاقد بخسارة فادحة تجاوز الخسائر العادية المألوفة.

وعلى هذا سنحاول أن نعرض لكل مجموعة من هاتين المجموعتين من الشروط بمزيد من التفصيل المناسب.

المطلب الثاني

شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة

يشترط لتطبيق نظرية الظروف الطارئة توافر مجموعتين من الشروط، تتعلق المجموعة الأولي بالظرف الطارئ ذاته، بينما تتعلق المجموعة الثانية بالمتعاقد مع جهة الإدارة.

أولاً: الشروط المتعلقة بالظرف الطارئ:

1- أن يكون الظرف عاماً واستثنائياً:

ويقصد بأن يكون الظرف عاماً، ألا يتعلق بالمتعاقد بمفرده كإفلاسه أو موته أو مرضه، وإنما يشترط أن يوصف الحادث بالعمومية شاملاً لطائفة من الناس([26]).

وتطبيقاً لذلك فقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه " مفاد نص المادة 2/147 من القانون المدني – وعلى ما جري به قضاء هذه المحكمة – أنه يشترط في الحادث الطارئ أن يكون حادثاً استثنائياً عاما غير ممكن توقعه ويخرج عن المألوف ونادر الوقوع، ويكون الحادث الطارئ عاماً إذا انصرف أثره إلى عدد كبير من الناس والمعيار في توافر ما اشترطه النص في وصف الحوادث المشار إليها من أنها تلك التي لم يكن في الوسع توقعها هو ألا يكون في مقدور الشخص العادي أن يتوقع حصولها لو وجد في ظروف ذلك المدين وقت التعاقد بصرف النظر عما إذا كان هذا المدين قد توقع حصولها فعلاً أم لم يتوقعه، وتقدير هذا الأمر هو مما يدخل في نطاق سلطة قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة "([27]).

وبالإضافة إلى ضرورة أن يكون الظرف الطارئ عاماً، يشترط أيضاً أن يكون حادثاً استثنائياً لا يتفق مع السير الطبيعي للأمور، بمعنى أنه بعيداً عما ألفه الناس في حياتهم ومعاملاتهم اليومية العادية([28])، ومن أمثلة الحوادث الاستثنائية وقوع زلزال أو ارتفاع باهظ في الأسعار أو نشوب حرب أو فيضان.

وتطبيقاً لذلك فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأنه " يشترط لتطبيق نظرية الظروف الطارئة أن تطرأ خلال مدة تنفيذ العقد الإداري حوادث أو ظروف طبيعية أو اقتصادية أو ظرف من عمل جهة إدارية غير المتعاقدة أو ظروف من عمل إنسـان آخر...." ([29]).

وتأكيداً على ذلك فقد قضت محكمة النقض بأنه " قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 يعتبر – على ما جري به قضاء حكمة النقض – حادثاً استثنائياً عاماً في مدلول الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني، ذلك أن الشروط التي يتطلبها القانون في الحادث الطارئ قد توافرت في قانون الإصلاح الزراعي سالف الذكر فهو بحكم كونه قانوناً يعتبر حادثاً استثنائياً عاماً لم يكن في الوسع توقعه ولا ممكنا دفعه، ولا يغير من اعتباره كذلك كونه تشريعاً، لأن نص الفقرة الثانية من المادة 147 مدني قد أطلق في التعبير عن الحادث فلم يقيده بأن يكون عملاً أو واقعة مادية"([30]).

وفي نفس السياق قضت محكمة التمييز في العراق بأنه " إن المميز يستند في دعواه بطلب الفسخ إلى حكم المادة (878) مدني، وحيث أن الحكم الذي جاءت به المادة المذكورة هو تطبيق لنظرية الظروف الطارئة التي تقرر مبدأها في المادة 146/2 من القانون المدني، ولما كان من شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة في عقد المقاولة أن يحدث أثناء تنفذ عقد المقاولة حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وقت التعاقد يترتب عليها زيادة تكاليف العمل زيادة فاحشة تجعل تنفيذ المقاول التزامه مرهقاً وعسيراً وحيث أن الثابت في أوراق الدعوى أن فيضان سنة 1968 كان غير اعتيادي بمقارنته بالفيضانات للسنوات السابقة وأنه لم يكن متوقعاً لذا كان على المحكمة أن تتحقق عما إذا كان الفيضان يعتبر من الحوادث الاستثنائية العامة غير المتوقعة. وهل ترتبت عليها زيادة فاحشة جعل تنفيذ المقاول التزامه بإكمال العمل مرهقاً وعسيراً أم لا ؟"([31]).

وإذا خلصنا أن كلاً من نصوص القانون وأحكام القضاء وآراء الفقه قد تطلبت أن يكون الظرف الطارئ عاماً واستثنائياً، ولكن السؤال المطروح الآن هو: هل يشترط أن يكون الظرف الطارئ اقتصادياً أم يمكن أن يكون الظرف الطارئ راجعاً لأسباب إدارية وطبيعية أيضاً ؟.

ذهب البعض إلى القول بضرورة أن يكون الظرف الطارئ ذات طبيعة اقتصادية تمييزاً عن نظرية عمل الأمير التي تواجه المخاطر الإدارية، ونظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة التي تواجه المخاطر الطبيعية([32]).

ولكن هذا الرأي منتقد، وذلك لأن قصر تطبيق نظرية الظروف الطارئة على الأسباب الاقتصادية غير صحيح، لأنه وإن كانت نظرية الظروف الطارئة تتشابه مع نظرية عمل الأمير، وذلك في حالة تطبيق نظرية الظروف الطارئة لأسباب إدارية، إلا أنه ما يميز نظرية الظروف الطارئة عن نظرية عمل الأمير أن الإجراء الإداري في حالة الظروف الطارئة يجب أن يكون صادراً عن جهة إدارية غير الجهة المتعاقدة، أما إذا ما كان الإجراء الإداري صادراً عن الجهة المتعاقدة فإننا نكون بصدد تطبيق نظرية عمل الأمير([33]). وعلاوة على ذلك فإنه في حالة تطبيق نظرية الظروف الطارئة يلزم أن يكون الضرر عاماً يصيب عموم الناس، أما إذا كان الضرر خاصاً بالمتعاقد مع الإدارة وحده، فنطبق نظرية عمل الأمير([34]). كما أنه يلزم أن يكون الضرر الناشئ عن أسباب إدارية على قدر كبير من الجسامة وذلك في حالة تطبيق نظرية الظروف الطارئة، أما بالنسبة لنظرية عمل الأمير فإنه لا يشترط أن يكون الضرر على قدر كبير من الجسامة، بل يكفي أن يكون يسيراً([35]).

وإضافةًِ لذلك فإن نظرية عمل الأمير ترتبط بالعقود الإدارية([36])، أما نظرية الظروف الطارئة فإنه يمكن تطبيقها على كل من العقود الإدارية والعقود المدنية على السواء.

وأخيراً فإن التعويض الناشئ عن تطبيق نظرية عمل الأمير تعويض شامل، على عكس التعويض في حالة الظروف الطارئة، فهو تعويض جزئي ومؤقت([37]).

وهكذا يمكن القول بأن الأسباب الإدارية اللازمة لتطبيق نظرية عمل الأمير تختلف عن تلك اللازمة لتطبيق نظرية الظروف الطارئة من حيث مصدر تلك الأسباب، وطبيعة الضرر الناشئ عنها، ونوع التعويض المستحق.

هذا بالنسبة للأسباب الإدارية، أما بالنسبة للأسباب الطبيعية، نجد أنه وإن كان يمكن تطبيق نظرية الظروف الطارئة نتيجة وجود أسباب طبيعية، كما هو الحال بالنسبة لنظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة، إلا أن الأسباب الطبيعية مختلفة في الحالتين، ففي نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة يجب أن تكون الصعوبات التي يواجهها المتعاقد صعوبات مادية بحتة ترجع إلى ظواهر طبيعية أو جيولوجية، كأن يجد المتعاقد الأرض التي سينفذ فيها المشروع ذات طبيعة صخرية وصلابة غير مألوفة، أو وجود طبقات غزيرة من المياه الجوفية يتعذر سحبها بالآلات العادية([38]). أما بالنسبة لنظرية الظروف الطارئة، فالأسباب الطبيعية تتمثل في الظواهر الطبيعية، كقيام الحرب([39]) أو الكوارث الطبيعية كالفيضان والسيول([40])، أو انتشار الأوبئة([41]).

وبالإضافة إلى ذلك فإن ما يميز نظرية الظروف الطارئة عن نظرية الصعوبات المادية أيضاً، هو أن التعويض في الحالة الأولي يكون تعويضاً جزئياً مؤقتاً([42]). بينما في الحالة الثانية فيكون التعويض كاملاً، وعلاوة على ذلك فإن نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة لا ترد إلا على العقود الإدارية([43])، بينما نظرية الظروف الطارئة تشمل كل من العقود الإدارية والعقود المدنية.

وهكذا نخلص مما سبق أن الظرف الطارئ لا يشترط أن يرجع لأسباب اقتصادية فقط، فالظرف الطارئ يتسع ليشمل كل الأسباب التي تؤدي إلى قلب اقتصاديات العقد رأساً على عقب، يستوي أن تكون اقتصادية كارتفاع الأجور والأسعار ارتفاعاً فاحشاً أو طبيعياً كالزلازل والفيضانات والحروب، وقد يكون من عمل جهة إدارية غير الجهة المتعاقدة([44]).

2-أن يحدث الظرف الطارئ أثناء تنفيذ العقد:

يشترط لتطبيق نظرية الظروف الطارئة أن يقع الظرف الاستثنائي قبل تمام العقد وخلال تنفيذه، ومن ثم لا يعد ظرفا طارئاً الحادث الذي يقع قبل إبرام العقد، حيث يستطيع المتعاقد أن يمتنع عن إبرام العقد، فإذا ما قبل إبرامه مع وجود هذا الحادث فلا يكون طارئاً، ومن ثم لا تطبق هذه النظرية([45]). ومع ذلك إذا وقعت تلك الظروف الطارئة قبل إبرام العقد وفي المراحل السابقة على إبرام العقد، ولم يعلم المتعاقد مع الإدارة بتلك الظروف إلا بعد تمام العقد، فلا يحتج عليه بوقوع تلك الظروف قبل إبرام العقد([46]).

وكذلك لا يعد ظرفاً طارئاً تلك الذي يقع بعد انقضاء تنفيذ العقد، حيث أن تمام تنفيذ العقد يؤدي إلى انتهائه. ولكن إذا ما امتدت مدة تنفيذ العقد إلى فترة أطول من المتفق عليها في العقد، وكان هذا الامتداد لسبب يرجع إلى جهة الإدارة، ففي هذه الحالة يحق للمتعاقد التعويض عن الظروف الطارئة التي وقعت بعد انتهاء المدة المحددة للتنفيذ، وذلك لعدم تمام التنفيذ. لأمر خارج عن إرادة المتعاقد([47]). حيث أن مدة تنفيذ العقد الموافق عليها من جهة الإدارة تأخذ حكم المدة الأصلية للعقد([48]).

ولقد ذهب البعض([49]) إلى أن تطبيق نظرية الظروف الطارئة لا يكون إلا بالنسبة للعقود متراخية التنفيذ، وذلك لتحقق حكمة التشريع والتي تتمثل في إصلاح ما اختل من التوازن الاقتصادي للعقد في الفترة ما بين إبرامه وتنفيذه نتيجة للظروف الاستثنائية التي طرأت خلال هذه الفترة، وذلك برفع الإرهاق عن المدين تمكيناً له من تنفيذ التزامه.

ولكن الرأي الراجح فقهاً وقضاءً يري أن نظرية الظروف الطارئة يمكن تطبيقها على كل العقود الفورية والعقود متراخية التنفيذ على السواء، فليس هناك ما يمنع من تطبيق نظرية الظروف الطارئة على العقود الفورية إذا طرأت حوادث استثنائية عقب إبرامه مباشرة وقبل تنفيذه وترتب على ذلك أن أصبح تنفيذ الالتزام مرهقاً([50]).

ثانياًـ الشروط المتعلقة بالمتعاقد:

1- ألا يكون للمتعاقد دخل في حدوث الظرف الطارئ:

يشترط لكي تطبق نظرية الظروف الطارئة أن تكون العلاقة بين المتعاقد وبين الظرف الطارئ الذي أصابه مقطوعة تماماً، بحيث لا يكون للمتعاقد يد في حدوث الظرف الطارئ سواء عمداً أو نتيجة إهمال منه، أو أن يكون المتعاقد قد قصر في دفع الخطر ببذل الجهود اللازمة لتوقي الظرف الطارئ أو النتائج المترتبة عليه([51]).

ولا يقتصر هذا الشرط على المتعاقد فقط، وإنما يتعين ألا تقع الظروف الطارئة نتيجة خطأ الإدارة، لأنه في مثل هذه الحالة لا يتم تطبيق نظرية الظروف الطارئة، ولكن تطبق قواعد المسئولية التعاقدية على الإدارة([52])، وهذا ما أكدته محكمة القضاء الإداري المصري([53]).

2- ألا يكون في وسع المتعاقد توقع الظرف الطارئ:

يعنى ذلك أن الظرف الطارئ الذي أدي إلى قلب اقتصاديات العقد لم يكن من المستطاع على المتعاقد توقع حدوثه وقت إبرام العقد، وهذا يتطلب أن تكون المخاطر التي وقعت غير عادية تفوق التوقع، وتتجاوز الحد المعقول، ومن أمثلة ذلك تخفيض قيمة العملة، إصدار قانون بفرض ضرائب جديدة، فمثل هذه الظروف لم تكن في حسابان المتعاقد وقت إبرام العقد. أما إذا كانت المخاطر عادية، لا تتجاوز ما كان مفروضاً على المتعاقد أن يتوقعه عند إبرام العقد، فلا تعد ظرفاً طارئاً، وذلك كالزيادة المعقولة في الأسعار([54]).

وذهب البعض([55]) إلى القول بأن عدم التوقع هو أمر نسبي، فالحادث الطارئ الذي يمكن توقعه هو ذلك الحادث الاعتيادي الذي يكثر وقوعه، أما الحوادث النادرة فلا تعتبر متوقعة. وإذا كان العقد مبرماً لمدة طويلة فإن احتمال وقوع الظرف الطارئ خلال مدة تنفيذه أكبر من احتمال وقوعه في حالة كون العقد مبرماً لمدة قصيرة. وتتأثر درجة توقع الظرف الطارئ بحالة المتعاقد فيما إذا كان شخصاً أم شركة، فمهما أوتي المقاول الشخص من إمكانات فإن قدرته على توقع الظرف الطارئ تكون محدودة، وذلك بخلاف الشركة التى تملك إمكانيات وخبرات تمكنها من توقع الظرف الطارئ، فالشركة المتخصصة بالتجارة ـ مثلاُـ تكون على دراية بالأزمات التي تحصل في الموانئ.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل يجب أن ينصب شرط التوقع على الظرف الطارئ ذاته أم على آثاره ؟.

لقد ذهب كل من الفقه([56])، والقضاء([57]) إلى القول بضرورة أن يرد التوقع على آثار الظرف الطارئ وليس على الظرف الطارئ نفسه، وفي ذلك ذهب قسم الرأي مجتمعاً في فتواه إلى القول بأنه " يعتبر قرار مجلس الوزراء الصادر بتخفيض قيمة الجنيه المصري بالنسبة إلى الدولار حادثاً استثنائياً عاماً، إذ لم يكن في وسع المتعاقدين توقعه وقت إبرام العقد، ومع التسليم الجدلي بأنه كان مفروضاً على المتعهد أن يتوقع التجاء الحكومة إلى خفض قيمة العملة المصرية، فإن مدي هذا التخفيض لم يكن من المستطاع التكهن به. ومن ثم فإنه يحتمل أن تكون نتائج هذا الإجراء ومدي تأثيره في التوازن المالي للعقد قد جاوزت ما كان مفروضاً أن يتوقعه المتعهد حين العقد([58]).

3- إصابة المتعاقد بخسارة فادحة تقلب اقتصاديات العقد:

بتوافر الشروط السابقة فإنه لا يحق للمتعاقد أن يطلب تطبيق نظرية الظروف الطارئة إلا إذا كان من شأن وقوع الظروف الطارئ أن يجعل تنفيذ الالتزام مرهقاً جداً للمتعاقد، بأن يؤدي إلى قلب اقتصاديات العقد رأساً على عقب، ولا يعتبر هذا الشرط متحققاً إذا كان الضرر الذي أحاق بالمتعاقد ضرراً معقولاً، ولا يكفي أن يفقد ما عساه أن يجنبه من أرباح كلها أو بعضها، ولكن في الوقت ذاته يكفي صعوبة تنفيذ الالتزام دون استحالة تنفيذه، لأنه في حالة استحالة تنفيذ الالتزام فإننا نكون بصدد تطبيق نظرية القوة القاهرة([59]).

وقياس مدي تأثير الظرف الطارئ على اقتصاديات العقد، إنما يقاس بقدرة المتعاقد على تحمل الخسائر التي أصابته، وبالتالي فإن الأمر يختلف تطبيقه من متعاقد لآخر، فثمة ظرف طارئ يؤدي إلى الإضرار بالمتعاقد ويرهقه إرهاقاً شديداً، وفي حالة أخري لا يؤدي نفس الظرف لذات النتيجة([60]).

المبحث الثاني

آثار تطبيق نظرية الظروف الطارئة

إن توافر شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة لا يعطي للمتعاقد الحق في الامتناع عن الاستمرار في تنفيذ العقد بحجة أن تنفيذ الالتزام التعاقدي أصبح مرهقاً جداً، ولكن تحقيقاً لمصلحة المرفق العام يجب عليه أن يستمر في تنفيذ التزاماته التعاقدية، وذلك لكي تمد له جهة الإدارة يد العون لتقيله من عثرته، والوقوف بجانبه لتخطي كبوته.

وهكذا فإن بحث آثار تطبيق نظرية الظروف الطارئة يقتضي منا أن نقسم هذا المبحث إلى مطلبين:

المطلب الأول ـ التزام المتعاقد بالاستمرار في تنفيذ العقد

المطلب الثاني ـ حق المتعاقد في الحصول على التعويض.

المطلب الأول

التزام المتعاقد بالاستمرار في تنفيذ العقد

أولاً: مضمون الالتزام:

يلتزم المتعاقد الذي أصابته خسارة فادحة من جراء وقوع الظرف الطارئ غير المتوقع والذي لا دخل لإرادته فيه أن يستمر في تنفيذ التزاماته التعاقدية، وبالتالي لا يعفي من تنفيذ التزاماته، وذلك لأن الظرف الطارئ لا يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً، ولكي يبقي تنفيذ الالتزام ممكناً حتى ولو كان مرهقاً للمتعاقد([61]).

وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة الإدارية العليا بأنه " ليس مؤدي تطبيق نظرية الظروف الطارئة ـ بعد توافر شروطهاـ أن يمتنع المتعاقد فوراً عن تنفيذ التزاماته الواردة بالعقد، وللمتعاقد أن يدعو الإدارة المتعاقد معها لمشاركته في تحمل نصيب من الخسارة التي حاقت به نتيجة تنفيذ العقد في ظل الظروف الطارئة، فإذا رفضت جهة الإدارة يلجأ المتعاقد إلى القضاء، فيقتصر دور القاضي في هذه الحالة على إلزام الإدارة بالتعويض المناسب"([62]).

والتزام المتعاقد بالاستمرار في تنفيذ التزاماته التعاقدية أمر منطقي، حيث أن تقدير توافر شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة أمر يستقل به قاضي العقد، وبالتالي لا يحق للمتعاقد مع جهة الإدارة الامتناع عن تنفيذ العقد بحجة أن الظروف الاستثنائية التي وقعت تستدعي تطبيق نظرية الظروف الطارئة، وذلك لأنه قد ينتهي الأمر في النهاية برفض التعويض لعدم توافر شروط تطبيق النظرية([63]).

ثانياً: جزاء عدم الاستمرار في تنفيذ الالتزام التعاقدي:

إن توقف المتعاقد عن تنفيذ التزاماته العقدية في حالة توافر شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة يعد خطأ عقدياً يعطي لجهة الإدارة الحق في توقيع الجزاء المناسب علي المتعاقد، بالإضافة إلى ذلك فإن امتناعه هذا يقلل من نسبة التعريض التي يمكن أن يحصل عليها. والجدير بالذكر أن الجزاء هنا يقتصر في الغالب على توقيع غرامات التأخير على المتعاقد، دون أن يصل الأمر إلى الامتناع عن تطبيق نظرية الظروف الطارئة كجزاء لعدم الاستمرار في تنفيذ العقد([64]).

ثالثاً ـ أساس التزام المتعاقد في تنفيذ التزامه التعاقدي:

يرجع المبرر الأساسي لالتزام المتعاقد مع جهة الإدارة بتنفيذ التزاماته العقدية إلى فكرة المرفق العام ومقتضيات سيره بانتظام واضطراد، مما يستلزم بذل أقصي الجهد من جانب المتعاقد في تنفيذ التزاماته العقدية والتي تتمثل في المقام الأول بتحقيق النفع العام للمستفدين من خدمات المرفق العام، وذلك باعتبار أن ذلك هو الغاية التي من أجلها خلقت نظرية الظروف الطارئة. وهكذا يمكن القول بأن العقد الإداري ما هو إلا وسيلة من وسائل الإدارة لضمان سير المرافق العامة بانتظام واضطراد([65]).

رابعاً ـ حكم استحالة انتهاء الظرف الطارئ:

إن الغاية الأساسية من إقرار نظرية الظروف الطارئة تتمثل في معاونة المتعاقد مع جهة الإدارة في تخطي الظروف الطارئة الاستثنائية المؤقتة وذلك من أجل الاستمرار في تنفيذ العقد، ولكن على الرغم من أن من المفترض أن تكون تلك الظروف مؤقتة، ولكن أحياناً يتحول الظرف الطارئ في مرحلة لاحقة إلى قوة قاهرة يستحيل معها مواصلة تنفيذ العقد، كما يستحيل معه إعادة التوازن المالي للعقد، بحيث لا يستطيع المتعاقد أن يستمر في تنفيذ التزاماته العقدية إلا بمعاونة الإدارة له بصفة دائمة. ففي مثل هذه الحالة يحق لطرفي العقد أن يطلبا من القاضي فسخ العقد إذا أخفق الطرفان في إعادة النظر في شروط العقد بالوصول إلى اتفاق جديد يعيد الحياة للعقد([66]).

المطلب الثاني

حق المتعاقد في الحصول على التعويض

إذا توافرت شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة، واستمر المتعاقد في تنفيذ التزاماته العقدية على الرغم من الإرهاق الشديد الذي يصيبه من تنفيذ هذا الالتزام، فإنه يستحق معاونة جهة الإدارة، وذلك للخروج من الأزمة التي يمر بها تنفيذ العقد، ويكون ذلك عن طريق تعويضه جزئياً عن الخسارة التي أصابته من جراء وقوع الظرف الطارئ.

أولاً: أساس التعويض:

لقد اختلف الرأي حول الأساس القانوني لحق المتعاقد فى الحصول على التعويض تطبيقًا لنظرية الظروف الطارئة، وذلك على النحو التالي:

1- النية المشتركة لأطراف العقد:

ذهب جانب من الفقه إلى تأسيس التعويض عن تطبيق نظرية الظروف الطارئة على الإرادة المشتركة لطرفي العقد، فالتعويض عن الظروف الطارئة إنما يستند إلى ما انصرفت إليه نية الطرفين ضمناً أثناء العقد، حيث أن العقود يجب أن تنفذ بحسن نية، ووفقاً للنية التي قصدها الأطراف لحظة إبرام العقد([67]).

ولقد انتقد الفقه هذا الرأي وذلك لأن البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين أمر دقيق وصعب جداً على القاضي، حيث أن ذلك يتطلب أن يعود القاضي إلى تاريخ إبرام العقد، وربما يكون قد أبرم منذ فترة طويلة، وإضافة لذلك فإنه يمكن أن تكون النية المشتركة للمتعاقدين قد انصرفت إلى استبعاد تطبيق النظرية صراحة أو ضمناً، وعلى الرغم من ذلك يتم تطبيق النظرية، وذلك لتعلق أحكامها بالنظام العام([68]).

2- التوازن المالي للعقد:

يرجع البعض أساس تطبيق نظرية الظروف الطارئة إلى فكرة التوازن المالي للعقد، حيث أن فكرة التوازن المالي تمثل مكاناً بارزاً في النظرية العامة في العقد الإداري، ويعتبر أمراً مفترضاً في كل عقد إداري دون حاجة للنص عليه([69]).

وانتقد الفقه هذا الرأي أيضاً، وذلك لأن فكرة التوازن المالي للعقد لا تكفي لتبرير حق المتعاقد في الحصول على التعويض بعد طلب فسخ العقد قضائياً، لأنه في مثل هذه الحالة لا مجال للحديث عن إعادة التوازن المالي للعقد الذي لم يصبح موجوداً أصلاً بعد أن انتهي بالفسخ([70]).

وبالإضافة إلى ذلك فإن الاستناد على مبدأ التوازن المالي للعقد كأساس للتعويض عن الظروف الطارئة، يجعل التعويض في هذه الحالة وكأنه مؤسس فقط على مصلحة المتعاقد، في حين أن الهدف من تطبيق نظرية الظروف الطارئة يتمثل في الأساس في ضمان حماية المرافق العامة بالاستمرار في تنفيذ العقد رغم الأزمة الاقتصادية، وليس تعويض المتعاقد مع جهة الإدارة بالأخص([71]).

3-مبدأ سير المرافق العامة بانتظام واضطراد:

لقد ذهب الرأي الراجح فقهاً وقضاءً إلى تأسيس التعويض عن تطبيق نظرية الظروف الطارئة على مبدأ سير المرافق العامة بانتظام واضطراد، فالمرافق العامة يجب أن يسير دولاب العمل فيها بانتظام واستمرار، فإذا ما طرأت حوادث استثنائية قلبت اقتصاديات العقد، فعلى جهة الإدارة في هذه الحالة أن تسارع إلى مد يد العون للمتعاقد معها لكي يتغلب على تخطي تلك الظروف الطارئة([72]).

وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة الإدارية العليا بأنه " ..... مؤدي تطبيق هذه النظرية، بعد توافر شروطها، إلزام جهة الإدارة المتعاقدة بمشاركة المتعاقد معها في احتمال نصيب من الخسارة التي أحاقت به طوال فترة الظرف الطارئ، وذلك ضماناً لتنفيذ العقد الإداري واستدامته لسير المرفق العام الذي يخدمه.... "([73]).

والواقع أن فكرة استدامة سير المرافق العامة بانتظام واضطراد لا تكفي لوحدها كأساس لتعويض المتعاقد عن وقوع الظروف الطارئة، وخاصة في الحالات التي يستحق فيها المتعاقد التعويض على الرغم من فسخ العقد وانتهائه، ولذا فإننا نري أن أساس التعويض ـ هناـ يكون أساس مزدوج يتمثل في ضرورات سير المرافق العامة بانتظام واضطراد، وقواعد العدالة. وهذا الأساس المزدوج يفسر التزام جهة الإدارة بتعويض المتعاقد معها على الرغم من عدم حدوث خطأ منها، وفي حالة انتهاء العقد بفسخه لاستحالة إعادة التوازن المالي للعقد([74]). بالإضافة إلى ذلك فإنه تم إقرار نظرية الظروف الطارئة في مجال القانون الخاص إعمالاً لقواعد العدالة، ومنعاً لاستغلال أحد الطرفين للمتعاقد الآخر، وبالتالي فإن النظرية تكون أولي بالتطبيق في مجال العقود الإدارية لوحدة العلة في الحالتين، زيادة على الاعتبارات المستمدة من ارتباط العقد الإداري بالمرفق العام([75]).

وتأكيداً على هذا الأساس المزدوج، فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن " نظرية الظروف الطارئة تقوم على فكرة العدالة المجردة التي هي قوام القانون الإداري، كما أن هدفها تحقيق المصلحة العامة، فرائد جهة الإدارة هو كفالة حسن سير المرافق العامة بانتظام واضطراد"([76]).

ثانياً: سلطات القاضي في مواجهة الظروف الطارئة:

يختلف دور القاضي المدني عن القاضي الإداري في مواجهة الظروف الطارئة([77])، حيث يجوز للقاضي المدني أن يعدل في نصوص العقد، فله أن ينقص من التزام الطرف الذي أصابه الضرر أو يزيد من التزامات الطرف الثاني، ولذا نصت المادة ( 147 ) من القانون المدني المصري على أنه ".... جاز للقاضي، تبعاً للظروف، وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول". وكذلك نصت المادة ( 249 ) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي رقم 5/1985 على أنه: ".... جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول إذا اقتضت العدالة ذلك، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك".

أما بالنسبة لسلطات القاضي الإداري فتنحصر في الحكم بالتعويض الجزئي دون تعديل في نصوص العقد، وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة الإدارية العليا على أنه "....... مؤدي تطبيق نظرية الظروف الطارئة بعد توافر شروطها إلزام جهة الإدارة المتعاقدة بمشاركة المتعاقد معها في احتمال نصيب من الخسارة التي لحقت به طوال فترة الظرف الطارئ ضماناً لتنفيذ العقد الإداري واستدامة لسير المرفق العام الذي يخدمه، ويقتصر دور القاضي الإداري على الحكم بالتعويض المناسب دون أن يكون له تعديل الالتزامات العقدية"([78]).

ثالثاًـ قواعد وأحكام التعويض:

يمكننا إجمال قواعد وأحكام التعويض المستحق للمتعاقد عن الظروف الطارئة في النقاط التالية:

1- إن التعويض الذي يحصل عليه المتعاقد مع جهة الإدارة ما هو إلا تعويض جزئي، فالمتعاقد مع جهة الإدارة يتحمل جزءاً من هذه الخسارة، حتى ولو كان جزءاً يسيراً([79]).

2- يجب على القاضي أن يراعي عدة اعتبارات عند تحديد النسبة المئوية لمشاركة جهة الإدارة في الخسائر التي تكبدها المتعاقد المترتبة على وقوع الظرف الطارئ([80])، وتتمثل في سلوك المتعاقد مع الإدارة ومدي المجهودات التي بذلها لمواجهة الظرف الطارئ([81])، ومدي تعاون الإدارة وحسن اهتمامها بمساعدة المتعاقد معها على تخطي الظرف الطارئ([82]).

3- إذا تضمن العقد شروطاً يتنازل بمقتضاها المتعاقد مع جهة الإدارة ـ مقدمـاًـ عن حقه في المطالبة بالتعويض عن الظروف الطارئة، فإن هذه الشروط تعد باطلة، وذلك لأن تطبيق نظرية الظروف الطارئة متعلقة بالنظام العام، لأنها وسيلة لضمان سير المرافق العامة وتحقيقاً للصالح العام([83]).

4- وإذا تضمن العقد شرطاُ يجيز إعادة النظر في المقابل المالي المستحق للمتعاقد في حالة حدوث الظرف الطارئ، فإن الفقه([84]) والقضاء([85]) يجمع على مشروعية مثل هذا الشرط، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو هل جود مثل هذا الشرط يمنع المتعاقد من الاستناد لنظرية الظروف الطارئة للمطالبة بالتعويض، إذا كان تطبيق النظرية يؤدي إلى حصوله على مزايا أكبر من تلك التي يحصل عليها إذا طبق الشرط الوارد في العقد ؟.

بالإطلاع على أحكام مجلس الدولة الفرنسي يمكن أن نستخلص أنه يمكن تطبيق نظرية الظروف الطارئة على الرغم من وجود تلك الشروط، وذلك في حالتين:

أ- عدم التمكن من تطبيق الشرط الوارد في العقد، ومثال ذلك صدور تشريع يجمد الأجور والأسعار عند حد معين، مما يترتب عليه عدم تمكن جهة الإدارة من إعادة النظر في الأسعار الواردة في العقد([86]).

ب- في حالة عدم جدوى تطبيق الشرط الوارد في العقد لمواجهة الآثار المترتبة على إخلال التوازن المالي للعقد، ومثال ذلك أن يؤثر الظرف الطارئ على عناصر أخري غير تلك التي قدرها المتعاقدون ووضعوا الشروط لمواجهتها([87]).

وهكذا إذا ما توافرت حالة من الحالتين السابقتين، فإنه يكون للمتعاقد الحق في التعويض الأكثر قيمة، إما بناء على تطبيق نظرية الظروف الطارئة، وإما بناء على تطبيق الشروط الواردة في العقد([88]). ولكنه في النهاية لا يستطيع أن يجمع بين التعويضين([89]).

وهكذا نخلص مما سبق أنه في حالة توافر شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة، فإنه علي المتعاقد مع جهة الإدارة أن يستمر في تنفيذ التزاماته العقدية، وذلك لكي يستحق أن تمد له الإدارة يد العون لتخرجه من حالة الإرهاق التي لحقت به من جراء الظرف الطارئ. ولكن بقي لنا في النهاية أن نعرض لمدي اعتبار الأزمة المالية العالمية الراهنة ظرفاً طارئاً، وبالتالي يستحق المتعاقد الحق في إعادة التوازن المالي للعقد؟.

الخاتمة

الأزمة المالية ظرف طارئ

لقد نصت المادة السادسة من القانون رقم 129 لسنة 1947 بشأن التزام المرافق العامة على أنه" " إذا طرأت ظروف لم يكن من المستطاع توقعها ولا يد لمانح الالتزام أو الملتزم منها، وأفضت إلى الإخلال بالتوازن المالي للالتزام أو إلى تعديل كيانه الاقتصادي كما كان مقدراً وقت منح الالتزام، جاز لمانح الالتزام أن يعدل قوائم الأسعار وإذا اقتضي الحال أن يعدل أركان تنظيم المرفق العام وقواعد استقلاله، وذلك لتمكين الملتزم من أن يستمر استقلاله أو تنخفض الأرباح الباهظة إلى القدر المقبول".

كما نصت المادة (147) من القانون المصري الصادر في 29/7/1948:

1- العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون.

2- ومع ذلك إذا طرأت حوادث استئنافية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وأن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلاً كل اتفاق علي خلاف ذلك.".

وكذلك نصت المادة 249 من قانون المعاملات المدنية الإماراتي رقم 5/1985 على أنه: " إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها، وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين، بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول إذا اقتضت العدالة ذلك، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك".

يستبين لنا من النصوص السابقة أنه لكي نكون أمام ظروف طارئة تقتضي تعويض المتعاقد عن الأضرار التى لحقت به يجب توافر الشروط الآتية:

1ـ يلزم أن نكون بصدد ظروف عامة استثنائية.

2ـ ألا يكون للمتعاقد دخل فى حدوثها ولا يكون فى وسعه توقعها.

3ـ أن تحدث هذه الظروف أثناء تنفيذ العقد.

4ـ أن تؤدي هذه الظروف إلي قلب اقتصاديات العقد

وبتطبيق هذه الشروط على الأزمة المالية الراهنة والتى عصفت بالعالم فى الفترة الأخيرة، ومازالت الدول تعاني من ويلاتها يتضح الآتي:

1ـ أن الأزمة المالية الراهنة تعد ظرفاً طارئاً لأن الأزمة لا تتعلق بالمتعاقد وحده، وإنما شملت المجتمع العالمي بأسره. وبالتالي تكون سمة العمومية متحققة بجلاء فى جانب الأزمة الحالية، لأنه من النادر ـن نجد حادثاً مثل الأزمة الحالية يحيق بكل دول العالم على حد السواء النامية منها والمتقدمة، الغنية منها والفقيرة. ولذا صدق عليها تسمية الأزمة العالمية.

2ـ بالإضافة لذلك، فإن الأزمة المالية العالمية الراهنة تعد حادثاً استثنائياًً لا يتفق مع المجري العادي للأمور، فالتوقعات الاقتصادية لم تكشف عنها بأي صورة من الصور، كما أن العالم لم يعاني منذ سنوات عديدة من أزمات مالية مما يجعل حدوثها أمر نادر وغير متوقع حدوثه. وترتيباً على هذا فإننا نجد أنه لم يكن فى حسبان المتعاقد ولا في توقعه إمكانة حدوث مثل هذه الأزمة عند إبرام العقد، والمعيار الذي يمكن الرجوع إليه فى هذا الشأن هو معيار الشخص العادي فى ذات ظروف المتعاقد.

3ـ علاوة على ما سبق، فإنه يتطلب أن تؤدي الأزمة المالية الراهنة إلي قلب اقتصاديات العقد بأن تصيب المتعاقد بخسارة فادحة تتجاوز الخسارة العادية المألوفة، حيث إن الأزمة المالية وما صاحبها من ارتفاع فى سعر الفائدة، وتشدد المؤسسات البنكية فى منح القروض، جعل من العسير على بعض المتعاقدين الحصول على السيولة اللازمة لإتمام مشروعاتهم التى بدأوها. بالإضافة إلي ذلك فإنه ترتب على الأزمة المالية العالمية انخفاض فى أسعار النفط الخام بلغ حوالي مئة دولار للبرميل، مما ينعكس على الأرباح التى كان سيحصل عليها المتعاقد فى عقود الطاقة بالسلب.

فإذا ما توافرت الشروط السابقة، ووقعت الأزمة المالية بعد إبرام العقد، فإنه يترتب علي ذلك أنه من حق المتعاقد الحصول علي التعويض، وذلك لتفادي جزء من الخسائر التى حاقت به من جراء الأزمة، ويتمثل التعويض إما في إنقاص التزامات المتعاقد أو زيادة التزامات الجهة المتعاقدة أو أخيراً تأجيل تنفيذ العقد لحين انتهاء الأزمة. ومن هنا يأتي أهمية الحديث عن دور الدولة في ظل الأزمة المالية العالمية الحالية.

دور الدولة فى ظل الأزمة:

إن الدولة هى المسئول الأول عن تنظيم الحياة الاقتصادية، وعلى عكس الاعتقاد السائد بان الخصخصة ستقلل من الحاجة إلى الدولة، فان الاحتياج للدولة سيزداد وذلك لمنع التشوهات التنافسية واستغلال مواقع النفوذ، وكذلك حماية المستهلك والمواطن الضعيف، كما أن تدخل الدولة سيحمى الأسواق ذاتها من أن تكون غابة يحكمها قانون البقاء للأصلح، وأخيرًا سوف يحافظ على التنمية المستديمة([90]).

وهكذا سيظل دور الدولة باق ومهم، وخاصة فى ظل الأزمات والأوقات العصيبة، وكان ذلك واضحًا بجلاء أثناء الأزمة المالية الراهنة. وتأكيدًا على ذلك أشار رئيس صندوق النقد الدولي إلى أن القطاع الخاص غير قادر وحده على إعادة الثقة إلى الأسواق الدولية، ولكن ما يعيد الثقة بالفعل إلى هذه الأسواق وبالتالي تهدئة مخاوفها هو تدخل واضح وكامل تقوم به الحكومات. وقد تمثلت مظاهر هذا التدخل فى الآتى([91]):

1. شراء أصول بنوك وشركات ومؤسسات مالية أخرى طالما كان ذلك ضرورياً لتثبيت الأسواق المالية. حيث أكد وزير الخزانة الأمريكية هنري بولسون أن التدخل غير المسبوق والشامل للحكومة، يعتبر الوسيلة الوحيدة للحيلولة دون انهيار الاقتصاد الأمريكي بشكل أكبر، موضحًا أن خطة وزارته تركز على إنشاء وكالة حكومية جديدة من شأنها ابتلاع كافة الأصول التي تهوي بالمؤسسات المالية الأمريكية. كما أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أيضا أنها ستدعم بحوالى 50 مليار دولار صناديق الاستثمار التي تتعامل في سوق النقد وانخفضت قيمة أسهمها عن دولار واحد.

2. قيام البنوك المركزية فى الدول المختلفة بضخ أموال فى الأسواق، وذلك لحل أزمة السيولة. حيث انه فى أغسطس 2007 قام البنك المركزي الأوروبي بضخ 8,94 مليار يورو من السيولة، كما قامت الخزينة الفدرالية الأمريكية بضخّ 24 مليار دولار، كما تدخّـلت العديد من البنوك الأخرى، مثل بنك اليابان والبنك الوطني السويسري.

وفي محاولة رسمية لدعم الاقتصاد الإماراتي فى ظل الأزمة أعلنت حكومة إمارة دبي في بداية شهر مارس 2009 أنها أطلقت برنامج سندات طويل الأجل بقيمة 20 مليار دولار، تم الاكتتاب بالكامل على الإصدار الأول منه بقيمة 10 مليارات دولار من قبل مصرف الإمارات المركزي، في أول مبادرة من هذا النوع للإمارة منذ أن تزايد وقع الأزمة المالية العالمية عليها([92]).

وفى نفس السياق أطلقت وزارة المالية في الإمارات العربية العام الماضي تسهيلاً طارئاً بقيمة 70 مليار درهم لتحسين السيولة في النظام المصرفي، وأطلق البنك المركزي أيضاً تسهيلاً قيمته 50 مليار درهم([93]).

3. وإضافة لذلك فان الأفراد قد قاموا بإبرام عقود طويلة المدة مع جهة الإدارة. هذه العقود قد طالها هى الأخرى أذى الأزمة المالية الراهنة، حيث أن التوازن المالى فى تلك العقود قد اختل بطريقة أدت إلى قلب اقتصاديات العقد رأسا على عقب، مما جعل تنفيذ المتعاقد لالتزاماته العقدية مرهقا أو مستحيلا. وقد أدى ذلك إلى خلق التزامًا على عاتق جهة الإدارة بالتدخل لإعادة التوازن المالى للعقد، وإلا أحجم الأفراد عن التعاقد مع الإدارة.

وتطبيقاً لذلك قام المشرع المصري بإصدار قانون رقم 191 لسنة 2008 بشان تعديل بعض أحكام القانون رقم 89 لسنة 1998 الخاص بتنظيم المناقصات والمزايدات، والذي نص فى المادة 22 مكرراً (1) على أنه:" فى العقود التى تكون مدة تنفيذها ستة أشهر فأكثر، تلتزم الجهة المتعاقدة فى نهاية كل ثلاثة أشهر تعاقدية بتعديل قيمة العقد وفقاً للزيادة أو النقص فى تكاليف بنود العقد التى طرأت بعد التاريخ المحدد لفتح المظاريف الفنية أو بعد تاريخ التعاقد المبنى على أمر الإسناد المباشر، وذلك وفقاً لمعاملات يحددها المقاول فى عطائه ويتم التعاقد على أساسها، ويكون هذا التعديل ملزماً للطرفين، ويقع باطلاً كل اتفاق يخالف ذلك. وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون معاملات تغيير الأسعار فى الحالات المختلفة".

كما سعت حكومة الكويت إلي مواجهة الآثار الاقتصادية للأزمة وآثرها على العقود المبرمة من قبلها فقد ذكر وزير الأشغال العامة الكويتي أن الوزارة مستعدة لتمديد فترة العقود في حالة تعثر الشركات نتيجة الأزمة المالية الحالية، كما ستعمل علي تسوية الأوضاع بالنسبة للمشاريع المتعثرة([94]).

وفي نفس السياق فقد أصدر مجلس الوزراء السعودي قراره رقم 155 بتاريخ 5/ 6/ 1429 هـ الصادر بتخفيف الأضرار التى لحقت بقطاع المقاولين، وتعويضهم عما لحقهم من ارتفاع في أسعار مواد البناء([95]).

في النهاية لابد وأن نؤكد علي أن آثار الأزمة العالمية التى حاقت بمعظم اقتصاديات العالم لابد وأن يتم التعامل معها في إطار حماية التوازن المالي للعقود المبرمة من قبل الدولة، والعمل علي تخفيف الأضرار الناجمة عنها من خلال التدخل التشريعي كما فعل المشرع المصري بتعديل قانون المناقصات والمزايدات أو من خلال تطبيق نظرية الظروف الطارئة إذا ترتب علي الأزمة أن أصبح تنفيذ الالتزام مرهقاً للمدين كما يمكن أخيراً اللجوء لتطبيق نظرية قوة قاهرة إذا أصبح تنفيذ الالتزام العقدي مستحيلاً.


([1]) د/ حازم الببلاوى، الأزمة المالية العالمية، محاولة للفهم، بحث منشور على شبكة الإنترنت:

http://pathways.cu.edu.eg/news/news/uf/30404_8750-winter2009-report.doc, 20-2- 2009.

L. T. ORLOWSKI, Stages of the 2007/2008 Global Financial Crisis: Is There a Wandering Asset-Price Bubble?, See at: http://www.economicsejournal.org/economics/discussionpapers/2008-43, 2-2-2009.

([2]) د/ علي عبد العزيز الفحام، سلطة الإدارة في تعديل العقد الإداري، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه مقدمة لكلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1975، ص 311.

([3]) حكم محكمة القضاء الإداري، 30/ 6/ 1957، رقم 983 لسنة 9 قضائية، مشار إليه في رسالة د/ علي عبد العزيز الفحام، مرجع سابق، ص 312.

([4]) إحسان ستار خضير، نظرية الظروف الطارئة، وأثر اختلال التوازن الاقتصادي في تنفيذ العقود، بحث مقدم كجزء من متطلبات الترقية إلى الصنف الأول من صنوف القضاة، 1418هـ، 1997م. بحث منشور على شبكة الانترنت:

http://droit.alafdal.net/montada-f8/topic-t82.htm, 12-2-2009

([5]) د/ صبيح مسكوني، القانون الروماني، الطبعة الأولي، بغداد، 1968، ص 232.

([6]) د/ عمر ممدوح مصطفى، القانون الروماني، بدون دار نشر، 1962، ص4.

([7]) سورة الحج، الآية 78.

([8]) سورة البقرة، الآية 185.

([9]) سورة البقرة، الآية 286.

([10]) د/ خالد بن عبد الله المصلح، التضخم النقدي في الفقه الإسلامي، ص242، منشور على شبكة الانترنت:

www.almosheh.com, 13-1-2009.

([11]) سورة النساء، الآية 29.

([12]) مجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة، الدورة الخامسة، القرار رقم (7)

([13]) من الجدير بالذكر أن نظرية الظروف الطارئة ظهرت كنص عام في العديد من التشريعات المدنية فقد نص القانون المدني الإيطالي في المادة (1467) على ما يلي (... في العقود ذات التطبيق المستمر أو التنفيذ الدوري المؤجل إذا أصبح التزام أحد المتعاقدين مرهقاً أثر ظروف استثنائية جاز للمتعاقد بهذا الالتزام أن يطلب فسخ العقد وللمتعاقد الآخر أن يدرأ الفسخ بأن يعرض تعديلاً لشرط العقد بما يتفق مع العدالة.

كما نص قانون الالتزامات البولوني في المادة (269) منه على أنه: (إذا وجدت حوادث استثنائية كحرب أو وباء أو هلاك المحصول هلاكاً كلياً أو غير ذلك من النوازل الطبيعية فأصبح تنفيذ الالتزام محوطاً بصعوبات شديدة أو صار يهدد أحد المتعاقدين بخسارة فادحة لم يكن المتعاقدان يستطيعان توقعها وقت إبرام العقد جاز للمحكمة، إذا رأت ضرورة لذلك تطبيقاً لمبادئ حسن النية وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن تعين طريقة لتنفيذ الالتزام أو أن تحدد مقداره أو أن تقضي بفسخ العقد.

كذلك نصت المادة 146 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 على أنه: "إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة. جاز للمحكمة بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن تنقص الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، إن اقتضت العدالة ذلك، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك".

كما نصت المادة 117 من قانون المعاملات المدنية السوداني لسنة 1984 على أنه:

1- إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً للمدين بحيث يهده بخسارة فادحة جاز للمحكمة تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن ترد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك.

2-لا يعتبر الالتزام مرهقاً إلا إذا زادت الخسارة على ثلث الالتزام.

ونصت أيضاً المادة (205) من القانون المدني الأردني رقم 2645 الصادر في 1 أغسطس 1976 على أنه: " إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للمحكمة تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين. أن ترد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول إن اقتضت العدالة ذلك. ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك".

ومن التشريعات التي أخذت بنظرية الظروف الطارئة أيضاً القانون المدني الكويتي الصادر بالمرسوم بالقانون رقم 67 لسنة 1980، حيث نصت المادة (198) منه على أنه " إذا طرأت، بعد العقد وقبل تمام تنفيذه، ظروف استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها عند إبرامه، وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام الناشئ عنه، وإن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين، بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين، أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، بأن يضيق من مداه أو يزيد في مقابله. ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك ".

كما نصت أيضاً المادة (171) من المدني القطري رقم 22 لسنة 2004 على أنه:-

1- العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه، ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون.

2- ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك.

وأخيراً نصت المادة 148 من القانون المدني السوري الصادر بالمرسوم رقم 84 بتاريخ 18/5/1949 على أنه:-

1- العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون.

2- ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها، وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين، أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول وتقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك.

([14])

C.E., 30 Mars 1916, Compagnie générale d'éclairage de Bordeaux ,Recueil Lebon, p. 125; C.E. 24 Juill., 1987, Société Générale d'entre Paris, R.D.P., 1982, P. 533.

([15]) د/ على محمد على عبد المولي، الظروف التي تطرأ أثناء تنفيذ العقد الإداري، دراسة مقارنة، بدون دار نشر، 1991، ص31.

([16]) د/ سليمان الطماوي، الأسس العامة للعقود الإدارية، مطبعة جامعة عين شمس، الطبعة الخامسة، 1991، ص631.

([17]) د/ صلاح الدين فوزي، مرجع سابق، ص 48.

([18]) معجم المقاييس في اللغة، مادة ظرف، ص644.

([19]) المعجم الوسيط، مادة ظرف، ص555.

([20]) المنجد في اللغة والإعلام، مادة طرأ، ص462.

([21]) د/ سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص666.

([22]) د/ جابر جاد نصار، عقود B.O.T، والتطور الحديث لعقد الالتزام، دار النهضة العربية، بدون سنة نشر، ص174، وما بعدها.

([23]) المحكمة الإدارية العليا، بتاريخ 11/5/1968، الطعن رقم 1562 لسنة 10ق، 68 لسنة 11ق، موسوعة العقود الإدارية والدولية، للمستشار / حمدي ياسين عكاشة، بدون دار نشر، بدون سنة نشر، ص331.

([24]) نقض مدني 11/1/1978، طعن رقم 448 لسنة 43ق، مجموعة المكتب الفني 29، ص152.

([25]) نقض مدني 9/6/1975، طعن رقم 502 لسنة 39ق، مجموعة المكتب الفني 26، ص1163.

([26]) مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني، الجزء الثاني، ص 282.

([27]) نقض مدني، 4 مارس 1976، رقم 58 لسنة 40ق، مجموعة المكتب الفني 26، ص 515؛ نقض مدني 1 مارس 1977، رقم 580 لسنة 43 ق، مجموعة المكتب الفني 28، ص 600.

([28]) إحسان ستار خضير، مرجع سابق، ص21، وما بعدها.

([29]) حكم المحكمة الإدارية العليا، بتاريخ 16/5/1987، الطعن رقم 3562 لسنة 29ق.

([30]) نقض مدني، 18/2/1965، رقم 248 لسنة 30ق، مجموعة المكتب الفني 16، ص191.

([31]) حكم محكمة التمييز، 22/4/1974، رقم 588 مدني/ثانية، النشرة الاقتصادية، العدد الثاني، السنة الخامسة، ص93.

([32]) د/ جابر جاد نصار، مرجع سابق، ص176؛ د/ إبراهيم الشهاوى، عقد امتياز المرفق العام B.O.T، بدون دار نشر، 1424هـ - 2003م، ص317.

([33]) حكم المحكمة الإدارية العليا، 11/5/1968، سابق الإشارة إليه؛ فتوى الجمعية العمومية بقسمي الفتوى والتشريع، 28/10/1964، س19، المستشار / حمدي ياسين عكاشة، مرجع سابق، ص326.

([34]) حكم المحكمة الإدارية العليا، 16/12/1997، الطعن رقم 1749 لسنة 37ق، الموسوعة الإدارية الحديثة، الجزء 49، ص177.

([35]) حكم المحكمة الإدارية العليا، 17/6/ 1972، الطعن رقم 46 لسنة 14 ق، المستشار/ حمدي ياسين عكاشة، مرجع سابق، ص 331؛ راجع أيضاً: د/ أنس جعفر؛ العقود الإدارية، الطبعة الثالثة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003، ص194؛ د/جابر جاد نصار، مرجع سابق، ص170.

([36]) حكم محكمة القضاء الإداري، 3/3/1957، الطعن رقم 1525 لسنة 6 ق، مجموعة أحكام السنة السادسة، ص343؛ د/ أنس جعفر، مرجع سابق، ص193؛ د/ جابر جاد نصار، مرجع سابق، ص164.

([37]) حكم محكمة القضاء الإداري، 30/6/1957، الطعن رقم 983 لسنة 9ق، مجموعة أحكام السنة 11، ص607.

([38]) د/ أنس جعفر، مرجع سابق، ص217.

([39]) حكم المحكمة الإدارية العليا، 3/6/1957، سابق الإشارة إليه.

([40]) حكم محكمة التمييز في العراق، 22/4/1974، سابق الإشارة إليه.

([41]) المحكمة العليا بالجزائر، المجلة القضائية، العدد الأول، سنة 1994، ص217، وما بعدها.

([42]) حكم محكمة القضاء الإداري، 20/1/1957، سنة 11، المستشار / حمدي ياسين عكاشة، مرجع سابق، ص339.

([43]) د/ أنس جعفر، مرجع سابق، ص216.

([44]) د/ سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص673؛ د/ جابر جاد نصار، مرجع سابق، ص176؛ د/ إبراهيم الشهاوي، مرجع سابق، ص317؛ حكم المحكمة الإدارية العليا، 11/5/1968، سابق الإشارة إليه.

LAUBADERE (A.DE), MODERNE (F), DELVOLVE (P), Traité des contrats administratifs, L.G.D.J., 1984, P. 578.

([45]) حكم المحكمة الإدارية العليا، 20/11/1982، الطعنان رقم 843، 922 لسنة 26ق عليا، المستشار / حمدي ياسين عكاشة، مرجع سابق، ص337.

([46]) د/ جابر جاد نصار، مرجع سابق، ص178.

([47]) د/ سليمان الطماوى، مرجع سابق، ص636؛ د/ أحمد سلامه بدر، مرجع سابق، ص230.

([48]) حكم المحكمة الإدارية العليا، 9/6/1962؛ المستشار حمدي ياسين عكاشة، مرجع سابق، ص337.

([49]) إحسان ستار خضير، مرجع سابق، ص21.

WALINE (M.), Droit administratif, Sirey 1963, p. 623.

([50]) د/ سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص620؛ د/ محمد السناري، الضوابط القانونية لتطبيق نظرية الظروف الطارئة في مجال العقود، دار النهضة العربية، بدون سنة نشر، ص240، وما بعدها.

([51]) د/ سعاد الشرقاوي، العقود الإدارية، بدون دار نشر، وبدون تاريخ نشر، ص518؛ د/ صلاح الدين فوزى، المبسوط فى القانون الادارى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003، ص985، وما بعدها؛ د/ جابر جاد نصار، مرجع سابق، ص180؛ حكم المحكمة الإدارية العليا، 18/12/1984، طعن رقم 1223 لسنة 27ق، مجموعة المبادئ القانونية التي أقرتها المحكمة الإدارية العليا في أربعين عاماً، السنة 30، العدد الأول، ص250.

([52]) د/ أحمد سلامه بدر، مرجع سابق، ص231.

([53]) حكم محكمة القضاء الإداري، 30/6/1957، مجموعة أحكام السنة 11 ق، ص627.

([54]) د/ جابر جاد نصار، مرجع سابق، ص179؛ د/ أحمد سلامه بدر، مرجع سابق، 232؛ حكم المحكمة الإدارية العليا، 9/6/1962، الطعن رقم 215 لسنة 6ق عليا، مجموعة أحكام السنة السابعة، ص1024.

C.E., 20 janvier 1978, Société Routes et Travaux publics, R.D.P., 1978, P. 1485.

([55]) إحسان ستار خضير، مرجع سابق، ص26.

([56]) د/ سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص678.

LAUBADERE (A.DE), MODERNE (F), DELVOLVE (P), Op. Cit., p. 587

([57]) حكم المحكمة الإدارية العليا، 9/6/1962، سابق الإشارة إليه.

C.E., 22 février 1963, "Ville d'Avignon ", R.D. P., 1963, p. 575.

([58]) فتوى قسم الرأي مجتمعاً لمجلس الدولة، 17/7/1957، مشار إليها في مؤلف د/ جابر جاد نصار، مرجع سابق، ص180.

([59]) د/ سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص684، وما بعدها؛ د/ جابر جاد نصار، مرجع سابق، 181؛ د/ محمد السنارى، مرجع سابق، ص72 وما بعدها؛ حكم المحكمة الإدارية العليا، 16/5/1987، الطعن رقم 3562 لسنة 29ق، مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا، ص483.

C.E., 10 octobre 1984, Cottin Jonneaux, R.D.P., 1985, P. 223. ALIBERT (R.), L'imprévision dans les concessions de services publics, Thèse, Paris, 1924, p. 15; LAUBADERE (A. DE), Traité théorique et pratique des contrats administratifs, L.G.D.J., 1956, P. 595.

([60]) د/ جابر جاد نصار، مرجع سابق، ص181.

([61]) د/ سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص689، وما بعدها؛ د/ جابر جاد نصار، مرجع سابق، ص182، وما بعدها؛ د/ محمد السنارى، مرجع سابق، ص104.

([62]) حكم المحكمة الإدارية العليا، 30/11/1985، رقم 2541 لسنة 29ق عليا.

([63])

LAUBADÉRE (DE. A.), Concl. Sous. C.E., 2 Juillet, 1982, Société routiére colas, Marches Publics, Octobre – Novembre, 1983, p. 53.

([64]) د/ جابر جاد نصار، مرجع سابق، ص183؛ حكم المحكمة الإدارية، 9/7/1962، سابق الإشارة إليه,

([65]) د/ على محمد على عبد المولي، الظروف التي تطرأ أثناء تنفيذ العقد الإداري، دراسة مقارنة، بدون دار نشر، 1991، ص407، وما بعدها؛ حكم المحكمة الإدارية، 17/6/1972، مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا، السنة 17، ص576.

LAUBADERE (A.DE), MODERNE (F), DELVOLVE (P), Op. Cit., P. 708 et C.E., 23-6-1944, Villede Toulon, R.D.P., 1945, p. 100.

([66]) د/ سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص704، وما بعدها؛ د/ على محمد على عبد المولي، مرجع سابق، ص421، وما بعدها.

LAUBADERE (A.DE), MODERNE (F), DELVOLVE (P), Op. Cit., p. 605 et C.E., 30 Juin 1932, Communede Ganges, Rec., p. 647.

([67]) د/ سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص697.

BONNARD (R.), Précis de droit administratife, L.G.D.J., Paris, 1940, p. 744.

([68])

HACHICH (A.), La Théorie de l'imprévision dans les contract administratifs, étude comparée du droit Français et du droit de la République Arabe Unie, Caen, 1962, p. 395.

([69]) د/ محمد السنارى، مرجع سابق، ص25؛ د/ على محمد على عبد المولي، مرجع سابق، ص505.

WALINE (M.), Traité de droit administrative, sirey, 1963, p. 340.

([70])

HACHICH (A.), op. cit., p. 392.

([71])

LAUBADERE (A.DE), MODERNE (F), DELVOLVÉ (P), Op. Cit., p. 609.

وراجع في ذلك أيضاً الرأي الاستشاري الصادر عن ديوان المحاسبة برئاسة مجلس الوزراء اللبناني، رقم 97 لسنة 2004، بتاريخ 15/9/2004.

([72]) د/ سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص697؛ د/ محمد عبد الحميد أبو زيد، دوام سير المرافق العامة، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، 1975، ص223.

VEDEL (G.) ET DEIVOLVE (P.), Droit administratife, Thémis, 1984, p. 359.

C.E., 28 Novembre 1952, Sté coopérative des Owriers et Techniciensdu batiment, Rec., p. 542.

([73]) حكم المحكمة الإدارية العليا، 16 مايو 1987، الطعن رقم 3562 لسنة 49ق، حكم غير منشور، مشار إليه في مؤلف د/ على محمد على عبد المولي، مرجع سابق، ص512.

([74]) د/ عزيزة الشريف، دراسة في نظرية العقد الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1981، ص244.

LAUBADERE (A.DE), MODERNE (F), DELVOLVE (P), Op. Cit., p. 609.

([75]) د/ سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص697، وما بعدها.

([76]) حكم المحكمة الإدارية العليا، 27/6/1972، رقم 46 لسنة 14ق، سابق الإشارة إليه.

([77]) د/ سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص692، وما بعدها؛ د/ جابر جاد نصار، مرجع سابق، ص184.

([78]) حكم المحكمة الإدارية العليا، بتاريخ 11/5/1968، الطعنان رقم 1562 لسنة 1ق، 68 لسنة 11ق، سابق الإشارة إليهما.

([79]) د/ سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص701.

C.E., 4-3-1949, Min de la équerre, Rec., p. 318.

([80])

LAUBADERE (A.DE), MODERNE (F), DELVOLVE (P), Op. Cit., p. 623.

([81])

C.E., 12 Avril. 1944, Cie Française des câbles Téléphoniques, Rec., p. 119.

([82])

C.E., 18 Avril 1959, Société industrielle de Travaux d'assainissement et d'urbanisme et ville de Nice, R.E.C., p. 216.

([83])

LAUBADERE (A. DE.), Traité théorique et pratique des contrats administratifs, L.G.D.J, 1956, P. 110 et TERNEYRE (P.), La responsabilité contractuelle des personnes publiques en droit administrative, thèse, 1983, p. 389.

C.E., 10 Mars 1948, Hospices de vienne, A.J.D.A., 1948, P. 31.

حكم محكمة القضاء الإداري، 14/4/1960، مجموعة المبادئ والأحكام الخاصة بمحكمة القضاء الإداري، السنة 14، ص36؛ وراجع في ذلك نص المادة ( 249 ) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي.

([84]) د/ سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص712، وما بعدها.

LAUBADERE (A.DE), MODERNE (F), DELVOLVE (P), Op. Cit., p. 558.

([85])

C.E., 11-2-1983, Sté Entre prise caroni, Rec., p. 59.

([86])

C.E., 15-7-1949, Ville d'Elbeuf, Rec., p. 61.

د/ على محمد على عبد المولي، مرجع سابق، ص597 ، وما بعدها.

([87])

C.E., 2-2-1951, Sté des grands Travaux de Marseille, Rec., p. 68.

([88])

C.E., 3 Janvier 1936, Commune de Tursac, Rec., p. 5.

([89])

C.E., 16 décembre 1938, Druy, Rec., p. 948.

([90]) د/ صلاح الدين فوزي، العقود الإدارية بين النظرية والتطبيق في دولة الإمارات العربية المتحدة، بحث منشور في مجلة الإدارة والتنمية، إبريل 1990، ص 46.

([91]) د/ حازم الببلاوى، مرجع سابق

هناك 7 تعليقات:

  1. رائع دكتور ابو بكر انا استفدت من البحث

    ردحذف
  2. شكرا دكنورنا اذا امكن احتاج كتب حول التوازن المالي في العقود الادارية

    ردحذف
  3. في الآونة الأخيرة ، واجه أحد عملائي موقفًا صعبًا إلى حد ما وكان يخشى ألا يتمكن من الحصول على قرض. عمل الفريق بجد ودقة للتأكد من عدم فقدان أي شيء للعميل. اندهش العميل من الاجتهاد والجهد المبذول لإنجاز القرض من Freedom Financial Network! قام فريق إقراض شبكة Freedom Financial Network بعمل ممتاز خلال صفقة القرض. لا تذهب إلى أي مكان آخر ، فإن Freedom Financial Network هي أفضل شركة للحصول على قرض. أرسل لهم بريدًا إلكترونيًا على FreedomFinancialNetwork@outlook.com أو WhatsApp للحصول على استجابة سريعة +393509056428

    ردحذف
  4. أشعر وكأنني أبكي وأنا أشارك في هذه الفترة الزمنية ، اتصل بي حسين ... لقد تم تسريحني مؤخرًا من وظيفة رائعة كانت توفر لي الطعام والمأوى بسبب سوء اقتصادنا. لقد سجلت في عدة مواقع للبحث عن عمل وانشغلت في البحث عن وظيفة أخرى. لقد صادفت العديد من الوظائف ولكنهم لم يفعلوا ذلك ... ثم عقدت العزم على الحصول على قرض عبر الإنترنت لمتابعة أحلامي التجارية الطويلة منذ أن كان لدي ما يقرب من 10000 دولار متبقي من مدخراتي وتم احتساب التكلفة الكاملة لعملي للبدء في 50000 دولار مما يعني أنني كنت بحاجة إلى 40 ألف دولار إضافية لبدء هذا ، واعتقدت أن الدخول على الإنترنت سيكون أفضل لأن معظمهم يقترحون منح القروض بسعر أرخص بنسبة 1 في المائة أو أقل ، لكنني لم أدرك مطلقًا أنني كنت أحفر قبري المالي فقط ، منخفض ، وها قد تعرضت لغسيل دماغ ، وخداع ، وحتى أنني ملزمة بإرسال كل ما عندي من 10 آلاف دولار المتبقي لهم مقابل رسوم عدة ، يا إلهي ، كان ذلك ثقيلًا جدًا بالنسبة لي في ذلك الوقت لأن عائلتي بالكاد كانت قادرة على إطعام فترة تأخير بعد هذه الحادثة حيث أصبحنا جميعًا نحيفين و مريض. لكنني لم أستسلم لأنني علمت أن أسوأ شيء يمكن أن يحدث لشخص ما هو السماح بتحطيم أحلامهم بسبب فشل سابق ، لقد أخبرت المحامي الخاص بي ونصحه على وجه التحديد بوجود وكالة قروض عبر الإنترنت في إيطاليا في اسم المؤسسة الائتمانية للقرض لأنها تقدم حاليًا قروضًا الآن دون أي خوف أو مشاكل لمجرد أن حوالي 2 من العملاء الذين يعرفهم حصلوا على قرض من تلك الشركة لأنها مملوكة لقس ، وبعد سماع كل هذا دعوت الله على قيادته و اتبعت أيضًا نصيحة المحامي الخاص بي التي تقدمت فيها بطلب 70.000 دولار ولكن الله أظهر وجهه بالفعل لأن هذا أرسل الله وكالة القروض عبر الإنترنت منحتني هذا القرض بمبلغ 70.000 دولار في غضون 72 ساعة دون أي شكل من أشكال المشاكل أو القصص بعد أن قصدت بشروطها و في الواقع بسعر فائدة ، يمكن للجميع التحدث إليهم باستخدام هذا البريد الإلكتروني: Unicreditbranchitaly@accountant.com نص Whatsapp: +393509811524 بارك الله فيكم لقضاء بعض الوقت في قراءة رسالتي إلى العالم.

    ردحذف
  5. مرحبا اسمي رزق احمد. أنا أعيش في أبو ظبي ، أنا سعيد للغاية الآن لأنني حصلت اليوم على قرض بقيمة 60،000.00 دولار أمريكي من هذه الشركة الجيدة بعد أن جربت العديد من الشركات الأخرى ولكن دون جدوى هنا رأيت إعلان فرع يونيكريديت بإيطاليا وقررت تجربته واتبعت جميع التعليمات . وهنا أنا سعيد اليوم ، يمكنك أيضًا الاتصال بهم إذا كنت بحاجة إلى قرض سريع ، فاتصل بهم الآن عبر هذا البريد الإلكتروني: (Unicreditbranchitaly@accountant.com) أو
    واتس اب: +393509811524

    ردحذف
  6. السلام عليكم جميعاً
    هل تحتاج إلى أي مساعدة مالية مثل تمويل قرض؟
    نحن شركة قروض خاصة تقدم فائدة بنسبة 3٪.
    راسلنا عبر البريد الإلكتروني على

    waheedfinance@proton.me
    info@waheedfinance.com
    واتس اب 916366710014+
    يعتبر
    وحيد حسن

    ردحذف
  7. السلام عليكم جميعاً
    هل تحتاج إلى أي مساعدة مالية مثل تمويل قرض؟
    نحن شركة قروض خاصة تقدم فائدة بنسبة 3٪.
    راسلنا عبر البريد الإلكتروني على

    waheedfinance@proton.me
    info@waheedfinance.com
    واتس اب 916366710014+
    يعتبر
    وحيد حسن




















    السلام عليكم جميعاً
    هل تحتاج إلى أي مساعدة مالية مثل تمويل قرض؟
    نحن شركة قروض خاصة تقدم فائدة بنسبة 3٪.
    راسلنا عبر البريد الإلكتروني على

    waheedfinance@proton.me
    info@waheedfinance.com
    واتس اب 916366710014+
    يعتبر
    وحيد حسن

    ردحذف